كانت الجملة المشتركة بين كافة المعلقين على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر أمس والقاضى بعودة المستشار عبدالمجيد محمود لمنصبه وإلغاء إقالته, وأجمع قانونيون على ضرورة تنفيذ الحكم ورأى بعضهم أن الإخلال بالتنفيذ هو انتهاك جديد لدولة القانون,
فيما قال البعض إنه حتى فى حال الطعن على قرار الاستئناف يكفى هذا الحكم التاريخى بحسب قولهم, وأكد آخرون أن عدم تنفيذ الحكم يعرض صاحبه لعزله من منصبه طبقا لنص دستورى بعقاب عدم تنفيذ الأحكام القضائية.
وأشار البعض إلى ضرورة تخلى النائب العام الحالى عن منصبه ومغادرته فورا, كما يجب على النائب العام السابق الاعتذار عن العودة لمنصبه ليقوم المجلس الأعلى للقضاة باختيار نائب عام جديد بشكل قانونى لا يتبع النظام السابق ولا يمت للحالى بصلة.
وكان رئيس الجمهورية، قد أصدر إعلانا دستوريا بتعديل بعض أحكام السلطة القضائية بشأن تعيين النائب العام، ثم ألحق هذا القرار الإدارى 2012 بتعيين النائب العام لمدة أربع سنوات يبدأ من صدور هذا القرار، وبموجب هذا القرار تمت إقالة عبدالمجيد محمود، النائب العام والتى تنتهى مدته القانونية فى 2016.
وفى تصريح مختصر خالطته مشاعر السعادة قال المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، «أنتظر نص حكم الاستئناف بإلغاء قرار إقالتى وعودتى لمنصبي، لدراسته ومعرفة التصرف الأمثل، وأشاد بنزاهة القضاء المصرى وانتصاره لدولة القانون».
«وصف الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى، حكم محكمة استئناف القاهرة، بالتاريخى لأنه تعبير عن رفض العدوان على السلطة القضائية من أى سلطة أخرى فى الدولة.
وقال السيد، إن هناك جهات ستظل حصنًا لا مساس به وهما القضاء والإعلام لأنهما خطا الدفاع للشعب المصرى، مشيرا إلى أن الرئيس تورط فيما وصلنا إليه من خلال مستشاريه فى هذا القرار.
وشدد على أن الحكم لابد من تنفيذه على الفور، فهو لا يتعارض مع الدستور، وأضاف «ليس من حق أحد أن يعقب على حكم قضائى، والامتناع عن تنفيذه جريمة تستوجب الحبس والعزل، لأنه يسقط سيادة دولة القانون مرة أخرى».
ويستبعد السيد اندلاع ثورة جديدة حال عدم تنفيذه على الفور، مطالبا مرسى بالاعتذار للشعب المصرى والقضاء على هذا الخطأ الذى تسبب فيه مستشاروه.
كما رحب المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، بصدور حكم «استئناف القاهرة» بإلغاء قرار الرئيس بإقالة النائب العام السابق عبدالمجيد محمود، مؤكداً أن الحكم يؤكد هيبة القضاء
وقال الزند أهنئ مؤسسة القضاء المصرى والنيابة العامة، مشيراً إلى أن عبدالمجيد محمود كسب الدنيا بأسرها بهذا القرار لأنه رد اعتبار له وللدولة أيضا.
وأضاف الزند: «برغم حق الطعن على الحكم، لكن يكفى أن القضاء أثبت كلمته الحق وهذا يجعل مصر تبلغ هدفها»، على حد تعبيره، مطالبا النائب العام المستشار طلعت عبدالله بأن يترك منصبه فورا.
وقال المستشار عبدالله فتحى وكيل أول نادى القضاة أن الحكم قانونى، 100%، لان تعيين النائب العام وإقالة «محمود» من الأصل باطلة ومخالفة صارخة للقانون ولمبادئ الدستور الذى أهدر على يد الرئيس محمد مرسى وتسبب فى ثورة شعبية لم تهدأ مصر منها حتى الآن.
وشدد «فتحى» على ضرورة تنفيذ حكم الاستئناف، قائلا إنه من الطبيعى أن يتم الطعن على الحكم لكن أطالب الجهات المعنية بضرورة تنفيذ الحكم لأنه انتصار للقضاة ووقفتهم.
وقال الدكتور محمد نور فرحات الفقيه الدستورى إن الاداء القانونى لمؤسسة الرئاسة يوقع مصر فى حفرة عميقة بدءًا من قراره بعودة مجلس الشعب المنحل للعمل وحتى قانون مجلس النواب الجديد.
وطالب «فرحات» النائب العام بترك منصبه قائلا: «تفضل مشكورا وموقورا بترك منصبك والعودة إلى منصة القضاء، وعلى عبدالمجيد محمود التقدم بمذكرة تفيد اعتذاره عن رغبته فى الاستمرار فى منصبه، وعلى المجلس الأعلى للقضاء المبادرة بترشيح ثلاثة أسماء للاختيار فيما بينهم للمنصب».
وأكدت المستشارة تهانى الجبالى نائب المحكمة الدستورية السابقة أن الحكم رد اعتبار دولة القانون بعدما تعرض له من إجحاف على يد الرئيس وأعوانه بتعيين نائب عام غير قانونى، كما أنه رد اعتبار للدولة.
وأضافت الجبالى: «إن من سيقف ضد هذا الحكم سيعد بمثابة جنحة مباشرة تصل إلى عزل صاحبه من منصبه لأن عدم تنفيذ الأحكام القانونية جريمة يعاقب عليها القانون والدستور وهذا طبقا لنص دستورى إذا انتهجه موظف عام يعرض نفسه لمخاطر».
«لا تهللوا لعودة عبدالمجيد محمود، لكن كثفوا الجهد لتعيين نائب عام يمثل شعب مصر ولا يمثل السلطة» وهذا ما علق به الناشط الحقوقى جمال عيد، على قرار محكمة استئناف القاهرة.
وأضاف «عيد» عبر حسابه على موقع «تويتر»: كان ينبغى رحيل عبدالمجيد محمود، وتعيين طلعت عبدالله باطل، والحل القانونى والسياسى.. تنحية الاثنين ومجىء نائب جديد». واختتم قائلاً: «مبارك كان يتمسك بعبدالمجيد محمود، ومرسى يتمسك بطلعت عبدالله، ونحن مطلبنا أن يختار المجلس الأعلى للقضاء نائبا عاما طبقا للقانون، هذا هو الفارق».
وشدد عمرو هاشم ربيع الباحث السياسى فى مركز الأهرام الاستراتيجى - على ضرورة تنفيذ قرار المحكمة فى كل الأحوال سواء قبل النائب العام أو رفض، معتبره حكما قضائيا واجب النفاذ.
ورأى الناشط السياسى جمال أسعد أن الحكم يحتوى على عدة رسائل للرئيس والحزب الحاكم، منها أن القضاء المصرى مازال يحافظ على القانون، وأن السلطة لا علاقة لها بالقانون ودولة القانون وأن الإعلان غير الدستورى الذى أصدره السيد رئيس الجمهورية ليس له علاقة بالواقع.
وأضاف أسعد أن الحكم يكشف سبب إقالة الرئيس للنائب العام عبدالمجيد محمود بأنها تصفية حسابات.
وأشار الناشط السياسى إلى أن هذا الحكم يعطى أملاً للقوى السياسية بأن الرؤية الوطنية كانت على حق وأنه يؤكد على صحة نظر هذه القوى ،ومن جانب الشارع السياسى هناك حالة رضا عام من الجماهير المصرية.
وأضاف الناشط السياسى يجب على النائب العام الحالى أن يستقيل حتى يترك المكان لمستحقيه.
ووصف حلمى سالم رئيس حزب الأحرار الحكم الخاص بعودة النائب العام إلى منصبه بأنه حكم تاريخى، يجب أن يسجل من ضمن قائمة الأحكام القضائية التى تمتاز بالحصانة.
وأكد سالم ضرورة تنفيذ حكم المحكمة بمسودته, وأنه فى حالة تقديم استئناف للحكم لا يمنع تنفيذه، لأنه حكم قضائى واجب النفاذ حتى لو كان ابتدائيا.
ورأى تامر القاضى عضو المكتب التنفيذى لاتحاد شباب الثورة أن حكم المحكمة يوضح وجود «عك» دستورى مستمر، نتيجة التخبط فى القرارات التى يصدرها النظام.
مشيرا إلى أن إصرار جماعة الإخوان على تصريحاتهم تؤكد تعنتهم وتمسكهم برأيهم حتى لو كان خطأ.
وقال القاضى «كنا نطالب بإقالة النائب العام عبد المجيد محمود ولكن ليس بهذه الطريقة، وسبق أن رفضنا الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى والذى كان ينص على إقالة النائب العام.
وأشار القاضى إلى أن رفضهم للنائب العام السابق لا يعنى موافقتهم على النائب العام الجديد، وتوقع عضو المكتب التنفيذى لاتحاد شباب الثورة ازدياد حالة الاحتقان داخل القضاء.
وفى سياق متصل رحب عدد من قيادات حزب النور بحكم محكمة استئناف القاهرة والذى يتضمن عودة النائب العام لمنصبه، مطالبين الرئيس مرسى بتنفيذ القانون والحكم كفرصة ذهبية له من الناحية السياسية لكسب ود الشارع المصرى ومؤسسة القضاء، مطالبين المجلس الأعلى للقضاء باتخاذ الإجراءات اللازمة لاختيار نائب عام جديد غير ذى صلة بأى انتماء سياسى.
وقال الدكتور خالد علم الدين القيادى بحزب النور ومستشار الرئيس السابق لـ«الوفد»: «رغم عدم رغبتى فى عودة نائب عام يتبع المخلوع حسنى مبارك إلا أننى مع استقالة النائب العام الحالى حلاً لإشكالية الانقسام فى مؤسسة القضاء ودعما لدولة القانون، وعملا لمبدأ الفصل بين السلطات.
وطالب علم الدين المجلس الأعلى للقضاء بسرعة ترشيح بدائل لمنصب نائب عام واختيار شخصية ذات سمعة طيبة حفاظا على هذا المنصب الحساس الذى يجب أن يبتعد شاغله عن أى انتماء سياسى ولأى تيار حتى نتمكن من بناء مؤسسات الدولة بشكل فعال وصحيح.
واتفق الدكتور شعبان عبدالعليم عضو الهيئة العليا بالحزب وأمين الحزب ببنى سويف مع علم الدين مضيفا «الحكم يعد مخرجًا قانونيًا لحل أزمة سياسية وعلى مؤسسة الرئاسة استغلال الحكم للتصالح مع القضاء وتطبيق النص القانونى بالدستور للخروج من مأزق النائب العام وأزمته».
وقال شعبان «إنها فرصة سياسية من الدرجة الأولى وإذا احسنت الرئاسة استغلالها بعدم الطعن على الحكم سيكون مكسبًا كبيرًا لها».
مع تحيات مكتب الأستاذ محمد سالم للإستشارات القانونية
19ب -عمارات العبور -صلاح سالم القاهرة